التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قروض المواطنين المصرفية تقدم وسط غياب للثقافة المصرفية


 يأمل كثير من المواطنين بأن يأتي اليوم الذي يسددون فيه القسط الاخير من قروضهم المصرفية التي تتوزع بين الشخصي كشراء سيارة وتأثيث منزل الزوجية , والسكني الذي يمكن الاسرة من شراء مسكن تتملكه بعد 20 او 30 سنة .

وهناك من المواطنين من يشيد بحسن الخدمات المقدمة من المؤسسات المصرفية التي تقدم القروض ، ومنهم من لا يعرف الاجراءات والتعليمات التي تحكم عملية القروض , وان ما يعرفونه هو الاقتطاع الشهري عند تسلمهم رواتبهم من البنوك .

يقول مصرفيون لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان معظم المقترضين من البنوك تنقصهم (الثقافة المصرفية)، ويوقعون على طلب الحصول على التسهيلات البنكية دون قراءته بشكل دقيق ، ولا يستفسرون عن سعر الفائدة فيما اذا كانت ثابتة او متغيرة طوال مدة القرض، ولا عن صافي المبلغ بعد طرح العمولات ومصاريف البنك كاملة منه.

ويؤكدون ضرورة قيام المقترضين بالاستفسار من موظف خدمات العملاء عن نسبة رفع اسعار الفائدة في حال تردي الأوضاع الاقتصادية سواء للبنك او للاقتصاد ككل. ويبينون انه ينبغي على المواطن متابعة منشورات البنك المركزي الاردني عبر موقعه الإلكتروني، خاصة تلك المتعلقة بالتشريعات الخاصة بأعمال البنوك وطريقة تعاملها مع العملاء الى جانب الاحاطة بمدونة السلوك المصرفي التي صدرت مؤخرا، ويمكن سؤال الاصدقاء الذين لهم تجربة وخبرة في العمل المصرفي ويفضل ان يكون أحدهم موظفا في احد البنوك وذلك للاسهام في بناء ( الثقافة المصرفية ) .

استاذ العلوم المالية والمصرفية في جامعة البترا الدكتور محمد عفانة يقول ان الاقتراض من البنوك ليس الحل الوحيد امام المواطنين انما هو احد الحلول المتاحة التي من الممكن ان تسهم في تلبية احتياجاتهم.

ويضيف ان هناك حلولا اخرى مثل : حوالة من احد الاقارب في الخارج ، او تكوين جمعية شهرية بين افراد العائلة والاصدقاء ، بالإضافة الى بيع أصول تعود للشخص كالسيارة او قطعة أرض او مصاغ الزوجة .

وعن الغاية من الاقتراض يقول الدكتور عفانة : هناك غاية شخصية مثل تمويل مصاريف شراء احتياجات العائلة , وتأمين نفقات الدراسة للأبناء, وتأمين نفقات الزواج , وتمويل الدراسة للشخص ذاته، وهناك الغاية السكنية لغرض شراء أرض او مسكن وهذا يصنف (عقاري) للافراد.

ويضيف: هناك ايضا قروض السيارات ، ولغايات تجارية لتمويل احتياجات التجار لشراء البضائع وتمويل دورتهم التشغيلية الخاصة لدفع ذممهم ورواتب الموظفين لديهم.

وفيما يخص شروط وبيانات الاقتراض وهل هي واضحة للمواطن يشير الى ان هذه الشروط واضحة في قروض الغايات الشخصية من حيث مدة السداد، وسعر الفائدة وشروط التمويل ، وفي القروض التجارية يتطلب الامر من العميل ان يكون على دراية بجميع تفاصيل عمله التجاري للحصول على القرض وتحضير جميع الوثائق المطلوبة حيث ان القرض التجاري يتطلب الكثير من الوثائق مقارنة بالقرض الشخصي.

وحول جدولة القروض يقول ان الظروف الاقتصادية السيئة لكثير من المواطنين وقلة الدخل هي المحرك الرئيسي لإعادة جدولة القرض القائم مرة اخرى ، وتقوم بنوك بتغطية مخاطر السداد من خلال عدة مصادر منها اجبار العميل على تحويل راتبه ، ورهن ارض او سيارة او شقة، او اسهم، والكفالة الشخصية، وتوقيع شيكات وكمبيالات لمصلحة البنك .

ويقدر الدكتور عفانة " ان حجم القروض المتعثرة يتراوح بين 10 – 25 بالمئة مقابل ضمانات، وما بين 2 - 15 بالمئة مشكوك في امكانية سدادها " .

الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي يقول ان الدخل المتأتي للمواطن لا يكفيه، لذا يلجأ الى الاقتراض من البنوك لكونه احد الوسائل الممكنة التي تلبي غايات شخصية على مستوى الفرد واخرى سكنية على مستوى الاسرة.

ويضيف: " ان الاقتراض اصبح امرا طبيعيا ووسيلة حياة بالنسبة للكثيرين خاصة لمن لديهم دخل شهري وقادرون على السداد وتحمل أعباء القروض في ظل المشكلات الاقتصادية الطارئة والتي تمس شرائح المجتمع كافة ".

ويطالب الدكتور الخليلي المؤسسات المصرفية التي تقرض المواطنين بالمساهمة في الاستقرار الاجتماعي خاصة في مجال القروض المتعثرة التي قد يتسبب بها عدم الاستقرار الوظيفي خاصة بين الشباب الذين هم في بداية الطريق لتكوين أسرة.

ويشير الى ان هناك تشجيعا واضحا من قبل المؤسسات المصرفية للمواطن - خاصة الموظفين - من اجل الاقتراض، وهذا مؤشر كبير على فائض السيولة وعلى سعي المؤسسات نحو البحث عن الموظف المضمون استنادا الى وظيفته.

ويقدر الدكتور الخليلي نسبة القروض المتعثرة ب 60 بالمئة ، وهي القروض التي لم تسدد على مدى ثلاثة أشهر وتعود لشركات صناعية وتجارية تواجه صعوبات مالية نتيجة العرض والطلب على سلع على الشركات.

ويأمل بان لا تواجه القروض السكنية مصير قروض الشركات ما يؤدي الى خلل في منظومة المجتمع عبر حجز بعض البنوك على مساكن مواطنين نتيجة عدم التزامهم بالأقساط الشهرية لتردي الاوضاع المعيشية وتآكل الرواتب. مدير عام جمعية البنوك في الأردن الدكتور عدلي قندح يقدر حجم رصيد القروض المقدمة من البنوك للقطاع الخاص ولم تسدد حتى الآن ب 15 مليار دينار منها 8ر5 بالمئة مشكوك في سدادها .

ويضيف ان البنك هو من يحدد سقف القرض الشخصي اعتمادا على دخل العميل ومدة السداد وقد يتطلب الامر ضمانات وكفلاء لضمان استرداد القرض مثل تحويل الراتب , وهذا يختلف من بنك الى اخر.

ويبين الدكتور قندح ان غاية المواطنين من القروض قد تكون لتأمين سكن او شراء سيارة او الزواج ، مبينا انه قد يحصل تداخل بين القرض الشخصي وقرض العقار وقد يصل مبلغ القرض الى 200 الف دينار بشرط وجود رهن.

وللحد من المشكلات التي تحدث في سداد القروض وتعثرها تنوي المؤسسات المصرفية بالتعاون مع عدد من المؤسسات الاخرى تأسيس شركة (استعلام ائتماني) مهمتها توفير بيانات للبنوك عن العملاء وكفاءة ملاءتهم المالية بما يضمن صحة ودقة الضمانات المقدمة من قبل المقترض.

وبحسب البيانات الواردة من البنك المركزي الاردني فان حجم القروض المقدمة من البنوك في المملكة في نهاية الربع الثالث من عام 2012 يبلغ حوالي 3ر17 مليار دينار قدمت من خلال 26 بنكا عملاً بأحكام قانون البنوك رقم 28 لسنة 2000 وتعديلاته والتعليمات الصادرة بمقتضاه.

ويخضع منح التسهيلات لتقدير البنك ووفقاً للسياسة الائتمانية المعمول بها لديه والمقرة من قبل مجلس إدارته، شرط التقيد بالضوابط الواردة بالتعليمات النافذة، حيث ان عملية الإقراض هي علاقة تعاقدية بين البنك وعملائه تنظمها اتفاقية الدين وتحكمها التشريعات النافذة.

وتقول البيانات ان نسبة الديون المتعثرة إلى إجمالي الديون (لجميع القطاعات) في نهاية الربع الثاني من عام 2012 تبلغ 4ر8 بالمئة يقابلها مخصصات بنسبة 6ر63 بالمئة وفقا للتعليمات، ويكون السبب الرئيسي لتعثر هذه الديون تعثر المقترضين لعوامل تخصهم وعوامل ترجع للظروف الاقتصادية، وإن الجهاز المصرفي الأردني كأي جهاز مصرفي في العالم لا بد من وجود نسبة من القروض المتعثرة فيه ولكنها تبقى ضمن النسب المقبولة عالمياً.

وحول الفوائد على القروض تشير البيانات الى ان اسعار الفائدة على القروض معومة منذ عام 1990 ومتروك تحديدها لقوى العرض والطلب وحسب سياسات البنوك، وتخضع أسعار الفائدة لقوى السوق وان هذه الفوائد التي تتقاضاها البنوك على القروض قد تكون ثابتة أو متغيرة وحسب شروط التعاقد ، ولا توجد جهة مخولة برفع أو خفض أسعار الفائدة .

ووفقا لتعليمات البنك المركزي السارية فانه يجب إبلاغ المواطن (المقترض) بتغير سعر الفائدة للقرض المقدم له، وهناك تعليمات مؤخرا بهذا الخصوص تنص على التعامل مع العملاء بعدالة وشفافية، وفي حال عدم إبلاغ المقترض بارتفاع سعر الفائدة ستكون المؤسسة المصرفية معرضة لأي من العقوبات المنصوص عليها في قانون البنوك.

وعن دور البنوك في إغراء المواطنين للاستفادة من هذه القروض يبين البنك المركزي الاردني ان هذا تنافس بين البنوك لزيادة حجم القروض المقدمة من قبلها، اعتمادا على السياسات الداخلية لكل بنك.

ويشير الى ان هناك نوعين من القروض المقدمة للمواطنين - استهلاكية، وعقارية -، ومن يحدد نوعية هذه القروض هو رغبة وحاجة العملاء، مع الأخذ بعين الاعتبار الحدود والضوابط الموضوعة من قبل البنك ، والغاية التي قدمت من أجلها بشكل إجمالي وهي: للتجارة، والصناعة، والزراعة, والانشاءات وغيرها.

وعن أرباح الجهاز المصرفي الأردني جراء هذه القروض خلال السنوات الخمس الأخيرة، يوضح البنك المركزي انه لا يوجد ما يسمى أرباح جراء قروض بشكل خاص , فنشاطات البنوك إيرادات متنوعة وبالمقابل هنالك مصاريف متنوعة وهناك ضرائب، وتنشر البيانات المالية الختامية للبنوك التي توضح ذلك, ولا معلومات متوفرة لديه بهذا الخصوص.

وحول الشركات التي تنشر إعلانات تقوم من خلالها بعرض تقديم تسهيلات للمواطنين يبين البنك المركزي الاردني ان هذه الشركات لا تخضع لرقابة البنك الذي يراقب فقط البنوك الاردنية مكتبيا وميدانيا.

نشر:
صحيفة الرأي اليومية
موقع المدينة نيوز
موقع أردني 
موقع عمون 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عبارات الأذان تبرز معاني الشهادة لله تعالى بالعلو والكبرياء وبوحدانيته

الأذان هو دعوة لإقامة الصلاة ، ويعرف في الاصطلاح الفقهي بانه الإعلام بدخول وقت الصلاة ، وهو فرض كفاية . وتتضمن عبارات الأذان على قلة كلماتها وإيجازها معاني مثل : الشهادة لله تعالى بالعلو والكبرياء ، والشهادة بوحدانيته تعالى وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهما جوهر دين الإسلام ، والدعوة إلى الصلاة، وهي ثاني أركان الإسلام وعموده ، والتنبيه إلى معنى الفلاح ، وهو الفوز بخيري الدنيا والآخرة. وتعتبر عائلة القارئ الشيخ محمد رشاد الشريف الذي كان مقرئا ومؤذنا للمسجد الاقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف من الذين وهبهم الله الصوت الجميل والأداء الحسن في الأذان وقراءة القرآن الكريم حيث ورث الشيخ معروف , واخوه الشهيد امام الذي استشهد في الخليل العام 2001 على ايدي قوات الاحتلال الاسرائيلي أسلوبا خاصا تميزت به العائلة في قراءة القرآن الكريم وفي رفع الأذان . يقول الشيخ معروف لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان تجربته في رفع الأذان الموحد في عمان كانت مع بدايات تطبيقه قبل 23 عاما حين كان طالبا في كلية الدعوة وأصول الدين التابعة لوزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية العام 1990 عندما كلف برفع

ألحق بارك أوباما!

في مكتبه يخاطب بالاستاذ، وفي كل المؤتمرات التي يحضرها بدعوة أو بدون دعوة ينادى ايضا بالاستاذ..   وبحكم أنه رب عملي أناديه بالاستاذ ومرات "اتخربط" وأناديه "دكتور" وهو لم يصل لهذه الدرجة بعد. أتفق معه قليلاً وأختلف معه أكثر.

حارس البوابة إذ ينتقل إلى الصحافة الإلكترونية

يمثل حارس البوابة في الصحافة حجر عثرة أمام تقدم أي مؤسسة صحفية، وهذا عائد لكم الأخبار التي تلقى من قبله في سلة المهملات  بحجة عدم صلاحياتها للنشر لأنها تمس أشخاص، أو مؤسسات أو لأن الأخبار نفسها غير مشوقة ولا غير جذابة ولا تحمل أي جديد. وفق هذا المبدأ، قامت في الأردن بداية التسعينيات وبعد عودة الحياة البرلمانية وتعديل قانون المطبوعات والنشر، تجربة جديدة في الصحافة الاردنية تمثلت بصحيفة أخر خبر التي كان يعمل ناشرها في صحيفة رسمية. هذا الناشر، كأن يأخذ الأخبار التي تلقى هنا وهناك ـ في صحيفته ـ  ويعيد النظر في زاوية المعالجة فيها، ومن ثم يقوم بنشرها في صحيفة أخر خبر التي أسسها، وكان تصدر بشكل أسبوعي، ويخبر الناس بالأخبار التي منعت في تلك الصحيفة الرسمية..