التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحالات الطارئة في المستشفيات بين صعوبة التصنيف ورأي الطبيب


 يتفق متخصصون في الشأن الطبي على أن تحديد الحالات الطارئة من الحالات غير الطارئة يدخل ضمن اختصاص الطبيب بالدرجة الاولى بناءً على فحوصات سريرية واخرى مخبرية واجراءات طبية اخرى يحددها الطبيب .

ويرى مواطنون ان اجراء الفحوصات الطبية التي يطلبها الطبيب في اقسام الطوارىء تزيد من اعباء الكلفة المادية التي يتحملونها واحيانا دون مبرر .

ويفتح ذلك الباب امام تساؤل حول الحدود المسموح بها لقبول تشخيص الطبيب للحالة الطارئة والتعامل معها ، خاصة أن الامر مرتبط بالناحية المادية وبالفاتورة التي يدفعها المواطن للمستشفى خصوصا من غير المؤمنين صحيا.

نقيب الاطباء الاردنيين الدكتور احمد العرموطي يعرّف الحالة الطارئة بانها الحالة المرضية التي تتطلب علاجا فوريا لا يحتمل التأخير سواء بتدخل جراحي او طبي عادي ، مثل الجلطة القلبية والولادة الطبيعية او القيصرية والزائدة الدودية وحالات النزيف الطارئ في المعدة او الامعاء او الدماغ بالاضافة الى حوادث السير.

ويضيف لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان الحالة الطارئة اذا لم تعالج بشكل سريع وعاجل قد تؤدي الى مضاعفات خطيرة مبينا ان الطبيب يحددها من خلال فحص سريري وبحسب طبيعة شكوى المريض من خلال اجراء طبي يكون له ما يبرره مستهدفا مصلحة المريض المطلقة، وبالتالي فان الطبيب هو المسؤول مسؤولية كاملة عن اتخاذ اي قرار طبي يتعلق بحالة المريض.

ويشير الدكتور العرموطي الى ان 70 بالمئة من الحالات الطارئة في مستشفيات وزارة الصحة ليست حالات طارئة ومكانها الطبيعي العيادات النهارية التي تتواجد في المراكز الصحية مضيفا ان هذا يفوق قدرة المستشفيات ويلغي وجود العيادات الخارجية والمراكز الصحية.

ويبين" انه اذا سمح لكل مواطن بالقدوم الى المستشفى كحالة طارئة وفتحت اقسام الاسعاف والطوارئ امام الجميع يصبح لا معنى لوجود هذه المراكز الصحية الاولية التي وجدت في الاصل لتخفيف العبء عن هذه المستشفيات التي لا تقدر على استيعاب الجميع وتحتاج الى اطباء وكوادر بشرية وامكانات كبيرة.

ويطالب نقيب الاطباء بوضع تسعيرة للحالات الطارئة وللحالات غير الطارئة، مضيفا ان المشكلة لا توجد لدى الاشخاص المؤمنين ، لكنها في غيرهم من غير المؤمنين وان النقابة لديها تسعيرة لكل اجراء طبي وتسعيرة لأجور الاطباء الى جانب ان اجور المستشفيات محددة من قبل وزارة الصحة.

ويدعو الى مأسسة النظام الصحي بحيث يخضع له كل المواطنين، وتنظيم التحويلات الطبية بحيث لا تتم الا من خلال طبيب الاسرة في منطقة اقامة المواطن الفعلية.

مسؤول ملف اطباء وزارة الصحة في نقابة الاطباء الدكتور شادي المعايطة يؤكد ان هناك تعليمات من الوزارة لأقسام الطوارئ فيما يخص تقييم الحالة الطارئة من عدمها.

ويضيف ان الطبيب في اقسام الاسعاف والطوارئ هو القادر اكثر من غيره على تقييم الحالة الطارئة بحكم الدراسة العلمية وبحكم الخبرة في التعامل مع الحالات المشابهة مشيرا الى ان الطبيب يعتمد على الفحوصات في بيان الحالات المرضية.

ويبين "ان التشخيص الطبي لا يعتمد على مزاج الطبيب , انما على فحوصات واجراءات طبية متعارف عليها في اقسام الطوارئ في المستشفيات ولدى الاطباء ".

وبحسب الدكتور المعايطة فان كل مواطن يراجع الطوارئ يعتبر نفسه (حالة طارئة) تحتاج الى عناية وتشخيص سريع ما قد يولد احيانا (صدامات) بين المواطنين والاطباء.

ويرى ان الازدحام الشديد الذي تشهده طوارئ المستشفيات يعود الى امتناع الوزارة عن تحويل المرضى خارج مستشفياتها الا للحالات التي لا يوجد لها اختصاص داخل مستشفيات الوزارة مبينا ان ذلك زاد من الضغط على اقسام الاسعاف والطوارئ فيها .

ويقول ان الوزارة طبقت نظاما يصنف الحالات الطارئة في مستشفى البشير لتخفيف الازدحام بحيث يكون طبيب استقبال في قسم الطوارئ يقوم بتحويل الحالات الى الاقسام المختصة لتلقي العلاج.

وحول تعامل وزارة الصحة مع الحالات الطارئة فئة تأمين الدرجة الاولى يقول مدير دائرة المستشفيات في الوزارة الدكتور احمد قطيطات ان هناك شركة محاسبية مختصة بشؤون المستشفيات معتمدة من قبل ادارة التأمين الصحي ومتعاقد معها , ولديها تعليمات بالأمراض المشمولة والمغطاة بالتأمين يتم التواصل معها بهذا الخصوص لتأكيد الحالة الطارئة من غيرها.

ويوضح ان على كل مواطن يراجع مستشفى خاصا بحالة طارئة ابلاغ (لجنة الحالات الطارئة) في اقرب مستشفى حكومي ، وهذه اللجنة تشكل بقرار من وزير الصحة وبتنسيب من مدير المستشفى مهمتها النظر في تبليغ الحالات الطارئة في المستشفيات المعنية وهي ليست دائمة وتتغير شخوصها بشكل دوري كي لا يتم التدخل بعملها. ويضيف الدكتور قطيطات " واذا شعر المواطن بنوع من الغبن والظلم من قرارات لجنة الحالات الطارئة في المستشفى , فبامكانه الاعتراض على قرارها مبينا ان قرارها ليس نهائيا ". مدير التأمين الصحي في الوزارة الدكتور جمال قناش يقول ان التامين هو اداة تنفيذية لقرار (لجنة الحالات الطارئة) والتي تقرر وجود الحالة الطارئة من عدمها.

ويبين انه في حالة عدم توفر مكان لأي حالة طارئة في مستشفيات وزارة الصحة فانه يتم تحويلها الى أي مستشفى في القطاع الخاص موضحا ان الحالات الطارئة من المؤمنين بالفئة العليا يغطيهم التأمين بنسبة مئة بالمئة في القطاع الخاص .

ويؤكد مدير دائرة المستشفيات الدكتور قطيطات ما اشار اليه نقيب الاطباء بان الازمة في مستشفيات وزارة الصحة سببها الحالات الطارئة، وان المعدل الوطني لمستشفيات الوزارة الذي يدخل ضمن مصطلح الحالات الطارئة يصل الى 30 بالمئة، بينما 70 بالمئة حالات مرضية عادية بالامكان معالجتها في المراكز الصحية وعيادات الاختصاص .

وعن عملية تقسيم الحالات بين طارئة وغير طارئة يقول ان الطبيب هو المسؤول عن ذلك وبالتالي فهو الذي يتحمل مسؤولية ونتيجة قراره في الوزارة وامام القضاء ، مضيفا ان الحالات المرضية التي تراجع اقسام الاسعاف والطوارئ في مستشفيات الوزارة يتم تصنيفها وفق تصنيف (شديد، وسط، خفيف)، بينما الثقافة المجتمعية لدى المواطن تعتبر كل الحالات التي تراجع المستشفيات حالة طارئة لها اولوية العلاج.

مدير دائرة الطوارئ في مستشفى الجامعة الأردنية الدكتور سمير الجبعيتي يبرر كثرة الاجراءات الطبية والفحوصات المخبرية التي قد تجرى لأصحاب الحالات الطارئة المراجعين للطوارئ "باننا امام مرضى نجهل سيرتهم المرضية وبالتالي فان الطبيب بحاجة الى اجراء فحوصات زيادة للتأكد من حالتهم".

ويبين ان غاية الفحوصات الكثيرة , المساعدة في التشخيص الدقيق، وتكوين رأي طبي حول حالة المريض والذي بناء عليه قد يتخذ الطبيب قرارا مصيريا بحق المريض سواء بإدخاله الى المستشفى لاستكمال العلاج او خروجه الى منزله , وفي الحالتين فالمسؤولية الطبية تقع على الطبيب. وبحسب الدكتور الجبعيتي فان كل من يصل الى غرفة الطوارىء خلال الاربع والعشرين ساعة هو حالة طارئة ويتم التعامل معه وفق ذلك، مبينا ان علامات الحالة الطارئة تختلف بحسب الشخص وطبيعة المرض كما تختلف علاماتها ودرجة خطورتها التي قد تكون غير ظاهرة للمريض وللطبيب ايضا.

نشر: 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عبارات الأذان تبرز معاني الشهادة لله تعالى بالعلو والكبرياء وبوحدانيته

الأذان هو دعوة لإقامة الصلاة ، ويعرف في الاصطلاح الفقهي بانه الإعلام بدخول وقت الصلاة ، وهو فرض كفاية . وتتضمن عبارات الأذان على قلة كلماتها وإيجازها معاني مثل : الشهادة لله تعالى بالعلو والكبرياء ، والشهادة بوحدانيته تعالى وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهما جوهر دين الإسلام ، والدعوة إلى الصلاة، وهي ثاني أركان الإسلام وعموده ، والتنبيه إلى معنى الفلاح ، وهو الفوز بخيري الدنيا والآخرة. وتعتبر عائلة القارئ الشيخ محمد رشاد الشريف الذي كان مقرئا ومؤذنا للمسجد الاقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف من الذين وهبهم الله الصوت الجميل والأداء الحسن في الأذان وقراءة القرآن الكريم حيث ورث الشيخ معروف , واخوه الشهيد امام الذي استشهد في الخليل العام 2001 على ايدي قوات الاحتلال الاسرائيلي أسلوبا خاصا تميزت به العائلة في قراءة القرآن الكريم وفي رفع الأذان . يقول الشيخ معروف لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان تجربته في رفع الأذان الموحد في عمان كانت مع بدايات تطبيقه قبل 23 عاما حين كان طالبا في كلية الدعوة وأصول الدين التابعة لوزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية العام 1990 عندما كلف برفع

ألحق بارك أوباما!

في مكتبه يخاطب بالاستاذ، وفي كل المؤتمرات التي يحضرها بدعوة أو بدون دعوة ينادى ايضا بالاستاذ..   وبحكم أنه رب عملي أناديه بالاستاذ ومرات "اتخربط" وأناديه "دكتور" وهو لم يصل لهذه الدرجة بعد. أتفق معه قليلاً وأختلف معه أكثر.

حارس البوابة إذ ينتقل إلى الصحافة الإلكترونية

يمثل حارس البوابة في الصحافة حجر عثرة أمام تقدم أي مؤسسة صحفية، وهذا عائد لكم الأخبار التي تلقى من قبله في سلة المهملات  بحجة عدم صلاحياتها للنشر لأنها تمس أشخاص، أو مؤسسات أو لأن الأخبار نفسها غير مشوقة ولا غير جذابة ولا تحمل أي جديد. وفق هذا المبدأ، قامت في الأردن بداية التسعينيات وبعد عودة الحياة البرلمانية وتعديل قانون المطبوعات والنشر، تجربة جديدة في الصحافة الاردنية تمثلت بصحيفة أخر خبر التي كان يعمل ناشرها في صحيفة رسمية. هذا الناشر، كأن يأخذ الأخبار التي تلقى هنا وهناك ـ في صحيفته ـ  ويعيد النظر في زاوية المعالجة فيها، ومن ثم يقوم بنشرها في صحيفة أخر خبر التي أسسها، وكان تصدر بشكل أسبوعي، ويخبر الناس بالأخبار التي منعت في تلك الصحيفة الرسمية..