" إذا كنت مميزاً في عطائك ، وممن أضافوا شيئاً مميزاً يتعلق بالنواحي الثقافية أو الاجتماعية أو الانسانية, وترغب في الحصول على شهادة دكتوراه تقديرية من أرفع المستويات, نحن نحقق لك هذا الطموح أينما كنت " ..
نص الإعلان هذا ليس صادرا عن مؤسسة أكاديمية نشرته في صحيفة ، بل هو نص لاعلان نشر في احدى المنتديات على شبكة الانترنت لاصطياد زبائن محتملين من الباحثين عن شهادات الدكتوراه التقديرية التي تمنح من جهة غير اكاديمية وغير معترف بها نظير القيام بنشاط تطوعي وانساني يثير الاستغراب .. اكاديميون يتساءلون في لقاءات مع وكالة الانباء الاردنية ( بترا ) " اذا كانت الجامعة الاردنية التي مضى على تأسيسها اكثر من خمسين عاما , لم تمنح أكثر من خمس عشرة شهادة دكتوراه فخرية ، فكيف لجهة ما غير معترف بها ومجهولة الترخيص وليس لها قيود في اي سجل ان تمنح شهادات الدكتوراه التقديرية يمنة ويسرة , ومقابل اعمال مثل التبرع بالدم ، والتوفير في الكهرباء، والتطوع في يوم مدرسي او يوم بيئي وغيرها من النشاطات .
رئيس جامعة اليرموك الدكتور عبد الله الموسى يؤكد ان التكريم ومنح شهادات الدكتوراه الفخرية من قبل الجامعات يجب ان يكون لشخصيات قدمت اسهامات واضحة على المستوى الانساني ، وبهذا تتطابق هذه الرؤية مع كثيرين في المؤسسات التعليمية ذاتها .
ويرى ان على الجامعات منح هذه الشهادات لمستحقيها ، مشيرا الى ان جامعة اليرموك كانت قد منحت درجة الدكتوراه الفخرية في الادارة التربوية لكبير وزراء ولاية باهانج الماليزية عدنان بن الحاج يعقوب تقديرا لعطائه المميز في مجالات خدمة الأدب والثقافة والابداعات الشعرية، وشهادة الدكتوراه الفخرية للاديب والشاعر الكويتي عبد العزيز سعود البابطين .
ويطلق رئيس الجامعة الاردنية سابقا الدكتور عبد الرحيم الحنيطي على طريقة الحصول على هذه الشهادات - الدكتوراه التقديرية - مصطلح (بدعة بامتياز) مضيفا انها تعكس الخلل الموجود في منظومة المجتمع الذي يبحث عن (حرف الدال) الذي يوضع قبل الاسم ، لافتا الى ان الاعراف العالمية المرتبطة بالحصول على هذه الشهادات التقديرية وحملها لا تربط من قريب ولا من بعيد ولا تشير الى امكانية استخدام هذا اللقب في الحياة اليومية .
ويقول ان شهادة الدكتوراه الاكاديمية التي تمنحها الجامعات بموجب تعليماتها هي استحقاق للشخص يناله بعد ان يكون لبى متطلبات هذه الشهادة.
ويشير الى ان شهادات الدكتوراه الفخرية التي تمنح من الجامعات الرسمية ليس لاغراض الترقية والترفيع الاكاديمي , انما تمنح لشخصيات قامت باعمال متميزة في حقل معين، اذ ان هذه الشهادات تمنح ولا تطلب من الجامعة للذين قاموا باعمال ريادية تقديرا لهم ولجهودهم .
ورصد الدكتور الحنيطي ومن خلال شبكة الانترنت جهات غير مرخص لها بالعمل على منح هذه الشهادة , ومنها بعض الجامعات الاجنبية مقابل مبالغ معينة من المال , ويشير الى ان هذه الشهادات التقديرية لا تقدم بناء على ابحاث او اطروحة في موضوع معين وهي اشبه واقرب للوسام من شهادة الدكتوراه .
ويطالب مؤسسات التعليم العالي بضرورة العمل بجدية على منع تداول اللقب ( دكتور) ضمن الاسس والقوانين المعمول بها اسوة بالقطاعات الاخرى , حيث ان الاكاديميين لا حماية لهم ويجب على مؤسسات التعليم العالي ان تبادر لحمايتهم , فالمهندسون والاطباء على سبيل المثال لديهم نقاباتهم المهنية التي تدافع عنهم ولديها سجلات لجميع منتسبيها , وبالتالي تمنع هذه النقابات استخدام لقب مهندس او طبيب مثلا على شخص غير مؤهل لذلك .
امين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مصطفى العدوان يشير الى مراسلات تمت بين الوزارة وعدد من الجهات الرسمية ومنها وزارات فيما يخص شهادات الدكتوراه التقديرية , تستفسر فيها هذه الجهات حول وجود موظفين لديها يحملون هذه الشهادات التقديرية ويطالبون بالحصول على (علاوة دكتوراه) مقابل هذه الشهادة , والى وجود جمعيات تمنح شهادات دكتوراه تقديرية خلافا للانظمة ومخالفة للتشريعات التي تمنح على اساسها هذه الشهادات وعدم جواز اصدارها من الاصل .
ويقول امين عام الوزارة بهذا الصدد ان رد الوزارة كان واضحا بان هذه المؤسسات غير مرخص لها بمنح هذه الشهادات عدا انها شهادات غير علمية , وانه ليس من صلاحيات هذه الجمعيات منح شهادات من هذا النوع , لافتا الى ان قانون الجامعات الاردنية واضح حين يذكر " ان الجامعات تنشأ وتمنح شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والدكتوراه الفخرية بالنص" .
ويطالب بضرورة تطبيق القانون على هذه الجهات التي تعتدي على قانون الجامعات وتمنح شهادات جامعية مقابل المال , مع ضرورة مراعاة الاهداف المرتبطة بالترخيص لها من الجهات المسؤولة خاصة ان الوزارة لا سلطة لها على الجمعيات انما يقتصر عملها على مخاطبة الجهة المعنية لمتابعة اي مخالفة.
تعليقات
إرسال تعليق